فصل: القراءات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{آتيتم من ربًا} مقصورًا: ابن كثير {لتربوا} بضم التاء وسكون الواو على الجمع: أبو جعفر ونافع وسهل ويعقوب {لنذيقهم} بالنون: ابن مجاهد وأبو عون عن قنبل {يرسل الريح} على التوحيد: ابن كثير وحمزة وعلي وخلف {كسفًا} بالسكون: يزيد وابن ذكوان {آثار} على الجمع: ابن عامر وحمزة وعلي وخلف وعاصم غير أبي بكر وحماد {ضعف} وما بعده بفتح الضاد: حمزة وعاصم غير للفضل. الباقون: بالضم وهو اختيار خلف وحفص {لا ينفع} بياء الغيبة: حمزة وعلي وخلف وعاصم. والآخرون: بتاء التأنيث {لا يستخفنك} بالنون الخفيفة: رويس عن يعقوب.

.الوقوف:

{يشركون} o لا وقد يوقف على توهم لام الأمر {آتيناهم} ط للعدول إلى الخطاب وابتداء أمر التهديد {فتمتعوا} قف لاستئناف التهديد {تعلمون} o {يشركون} o {بها} ج ط فصلًا بين النقيضين {يقنطون} o {ويقدر} ج {يؤمنون} o {وابن السبيل} ط {وجه الله} ز ط {المفلحون} o {عند الله} ج ط لعطف جملتي الشرط {المضعفون} o {يحييكم} ط {شيء} ط {يشركون} o {يرجعون} o {من قبل} ط {مشركين} o {يصدّعون} o {كفره} ج لما مر {يمهدون} o لا وقد يوقف على جعل اللام للقسم وحذف نون التأكيد {من فضله} o {الكافرين} o {تشكرون} o {أجرموا} ط وقيل: يوقف على {حقًا} أي وكان الانتقام حقًا. ثم ابتدًا علينا أي واجب علينا {نصر المؤمنين} o {خلاله} ط ج للشرط مع الفاء {يستبشرون} o {لمبلسين} o {موتها} ط {الموتى} ج لاتفاق الجملتين مع العدول عن بيان الإحياء إلى بيان القدرة {قدير} o {يكفرون} o {مدبرين} o {ضلالتهم} ط {مسلمون} o {وشيبة} ط {ما يشاء} ج ط لاختلاف الجملتين مع اتحاد المقول {القدير} o {المجرمون} o لا لأن ما بعده جواب القسم {غير ساعة} ط {يؤفكون} o {يوم البعث} ز لاختلاف الجملتين مع اتحاد المقول {لا تعلمون} o {يستعتبون} o {مثل} ط {مبطلون} o {لا يعلمون} o {لا يوقنون} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

قوله تعالى: {وَإذَا أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً فَرحُوا بهَا}.
لما بين حال المشرك الطاهر شركه بين حال المشرك الذي دونه وهو من تكون عبادته الله للدنيا، فإذا آتاه رضي وإذا منعه سخط وقنط ولا ينبغي أن يكون العبد كذلك، بل ينبغي أن يعبد الله في الشدة والرخاء، فمن الناس من يعبد الله في الشدة كما قال تعالى: {وَإذَا مَسَّ الناس ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ} [الروم: 33] ومن الناس من يعبده إذا آتاه نعمة كما قال تعالى: {وَإذَا أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً فَرحُوا بهَا} والأول كالذي يخدم مكرها مخافة العذاب والثاني كالذي يخدم أجيرًا لتوقع الأجر وكلاهما لا يكون من الثبتين في ديوان المرتبين في الجرائد الذين يأخذون رزقهم سواء كان هناك شغل أو لم يكن، فكذلك القسمان لا يكونان من المؤمنين الذين لهم رزق عند ربهم، وفيه مسألة: وهي أن قوله تعالى: {فَرحُوا بهَا} إشارة إلى دنو همتهم وقصور نظرهم فإن فرحهم يكون بما وصل إليهم لا بما وصل منه إليهم، فإن قال قائل الفرح بالرحمة مأمور به في قوله تعالى: {قُلْ بفَضْل الله وَبرَحْمَته فَبذَلكَ فليفرحوا} [يونس: 58] وههنا ذمهم على الفرح بالرحمة، فكيف ذلك؟ فنقول هناك قال: فرحوا برحمة الله من حيث إنها مضافة إلى الله تعالى وههنا فرحوا بنفس الرحمة حتى لو كان المطر من غير الله لكان فرحهم به مثل فرحهم بما إذا كان من الله، وهو كما أن الملك لو حط عند أمير رغيفًا على السماط أو أمر الغلمان بأن يحطوا عنده زبدية طعام يفرح ذلك الأمير به، ولو أعطى الملك فقيرًا غير ملتفت إليه رغيفًا أو زبدية طعام أيضًا يفرح لكن فرح الأمير بكون ذلك من الملك وفرح الفقير بكون ذلك رغيفًا وزبدية.
ثم قال تعالى: {وَإن تُصبْهُمْ سَيّئَةٌ بمَا قَدَّمَتْ أَيْديهمْ} لم يذكر عند النعمة سببًا لها لتفضله بها وذكر عند العذاب سببًا لأن الأول يزيد في الإحسان والثاني يحقق العدل.
قوله: {إذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} إذا للمفاجأة أي لا يصبرون على ذلك قليلًا لعل الله يفرج عنهم وإنه يذكرهم به.
ثم قال تعالى: {أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق لمَن يَشَاء وَيَقْدرُ إنَّ في ذَلكَ لآيات لّقَوْمٍ يُؤْمنُونَ}.
أي لم يعلموا أن الكل من الله فالمحقق ينبغي أن لا يكون نظره على ما يوجد بل إلى من يوجد وهو الله، فلا يكون له تبدل حال، وإنما يكون عنده الفرح الدائم، ولكن ذلك مرتبة المؤمن الموحد المحقق، ولذلك قال: {إنَّ في ذلك لآيات لّقَوْمٍ يُؤْمنُونَ}.
{فَآت ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمسْكينَ وَابْنَ السَّبيل ذَلكَ خَيْرٌ للَّذينَ يُريدُونَ وَجْهَ اللَّه وَأُولَئكَ هُمُ الْمُفْلحُونَ (38)}.
وجه تعلق الآية بما قبلها هو أن الله تعالى لما بين أن العبادة لا ينبغي أن تكون مقصورة على حالة الشدة بقوله: {وَإذَا مَسَّ الناس ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ} [الروم: 33] ولا أن تكون مقصورة على حالة أخذ شيء من الدنيا كما هو عادة المدوكر المتسلس، يعبد الله إذا كان في الخوانق والرباطات للرغيف والزبدية وإذا خلا بنفسه لا يذكر الله، بقوله: {وَإذَا أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً فَرحُوا بهَا} وبين أنه ينبغي أن يكون، في حالة بسط الرزق وقدره عليه، نظره على الله الخالق الرازق ليحصل الإرشاد إلى تعظيم الله والإيمان قسمان تعظيم لأمر الله وشفقة على خلق الله فقال بعد ذلك فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل، وفيه وجه آخر هو أن الله تعالى لما بين أن الله يبسط الرزق ويقدر، فلا ينبغي أن يتوقف الإنسان في الإحسان فإن الله إذا بسط الرزق لا ينقص بالإنفاق، وإذا قدر لا يزداد بالإمساك، وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
في تخصيص الأقسام الثلاثة بالذكر دون غيرهم مع أن الله ذكر الأصناف الثمانية في الصدقات فنقول أراد هاهنا بيان من يجب الإحسان إليه على كل من له مال سواء كان زكويًا أو لم يكن، وسواء كان بعد الحول أو قبله لأن المقصود هاهنا الشفقة العامة، وهؤلاء الثلاثة يجب الإحسان إليهم وإن لم يكن للمحسن مال زائد، أما القريب فتجب نفقته وإن كان لم تجب عليه زكاة كعقار أو مال لم يحل عليه الحول والمسكين كذلك فإن من لا شيء له إذا بقي في ورطة الحاجة حتى بلغ الشدة يجب على من له مقدرة دفع حاجته، وإن لم يكن عليه زكاة، وكذلك من انقطع في مفازة ومع آخر دابة يمكنه بها إيصاله إلى مأمن يلزمه ذلك، وإن لم تكن عليه زكاة والفقير داخل في المسكين لأن من أوصى للمساكين شيئًا يصرف إلى الفقراء أيضًا، وإذا نظرت إلى الباقين من الأصناف رأيتهم لا يجب صرف المال إليهم إلا على الذين وجبت الزكاة عليهم واعتبر ذلك في العامل والمكاتب والمؤلفة والمديون، ثم اعلم أن على مذهب أبي حنيفة رحمه الله حيث قال: المسكين من له شيء ما فنقول، وإن كان الأمر كذلك لكن لا نزاع في أن إطلاق المسكين على من لا شيء له جائز فيكون الإطلاق هنا بذلك الوجه، والفقير يدخل في ذلك بالطريق الأولى.
المسألة الثانية:
في تقدم البعض على البعض فنقول لما كان دفع حاجة القريب واجبًا سواء كان في شدة ومخمصة، أو لم يكن كان مقدمًا على من لا يجب دفع حاجته من غير مال الزكاة إلا إذا كان في شدة، ولما كان المسكين حاجته ليست مختصة بموضع كان مقدمًا على من حاجته مختصة بموضع دون موضع.
المسألة الثالثة:
ذكر الأقارب في جميع المواضع كذا اللفظ وهو ذو القربى، ولم يذكر المسكين بلفظ ذي المسكنة، وذلك لأن القرابة لا تتجدد فهي شيء ثابت، وذو كذا لا يقال إلا في الثابت، فإن من صدر منه رأي صائب مرة أو حصل له جاه يومًا واحدًا أو وجد منه فضل في وقت يقال ذو رأي وذو جاه وذو فضل، وإذا دام ذلك له أو وجد منه ذلك كثيرًا يقال له ذو الرأي وذو الفضل، فقال: {ذَا القربى} إشارة إلى أن هذا حق متأكد ثابت، وأما المسكنة فتطرأ وتزول ولهذا المعنى قال: {مسْكينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] فإن المسكين يدوم له كونه ذا متربة ما دامت مسكنته أو يكون كذلك في أكثر الأمر.
المسألة الرابعة:
قال: {فَئَات ذَا القربى حَقَّهُ} ثم عطف المسكين وابن السبيل ولم يقل فآت ذا القربى والمسكين وابن السبيل حقهم، لأن العبارة الثانية لكون صدور الكلام أولًا للتشريك والأولى لكون التشريك واردًا على الكلام، كأنه يقول أعط ذا القربى حقه ثم يذكر المسكين وابن السبيل بالتبعية ولهذا المعنى إذا قال الملك خل فلان يدخل، وفلانًا أيضًا يكون في التعظيم فوق ما إذا قال خل فلانًا وفلانًا يدخلان، وإلى هذا أشار النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «بئس خطيب القوم أنت» حيث قال الرجل من أطاع الله ورسوله فقد اهتدى، ومن عصاهما فقد غوى ولم يقل ومن عصى الله ورسوله.
المسألة الخامسة:
قوله: {ذلك خَيْرٌ} يمكن أن يكون معناه ذلك خير من غيره ويمكن أن يقال ذلك خير في نفسه، وإن لم يقس إلى غيره لقوله تعالى: {وافعلوا الخير} [الحج: 77] {فَاسْتَبقُوا الخَيْرَات} [البقرة: 148] والثاني أولى لعدم احتياجه إلى إضمار ولكونه أكثر فائدة لأن الخير من الغير قد يكون نازل الدرجة، عند نزول درجة ما يقاس إليه، كما يقال السكوت خير من الكذب، وما هو خير في نفسه فهو حسن ينفع وفعل صالح يرفع.
المسألة السادسة:
قوله تعالى: {لّلَّذينَ يُريدُونَ وَجْهَ الله} إشارة إلى أن الاعتبار بالقصد لا بنفس الفعل، فإن من أنفق جميع أمواله رياء الناس لا ينال درجة من يتصدق برغيف لله، وقوله: {وَجْهُ الله} أي يكون عطاؤه لله لا غير، فمن أعطى للجنة لم يرد به وجه الله، وإنما أراد مخلوق الله.
المسألة السابعة:
كيف قال: {وأولئك هُمُ المفلحون} مع أن للإفلاح شرائط أخر، وهي المذكورة في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون} [المؤمنون: 1] فنقول كل وصف مذكور هناك يفيد الإفلاح، فقوله: {والذين هُمْ للزكواة فاعلون} [المؤمنون: 4] وقوله: {والذين هُمْ لأماناتهم وَعَهْدهمْ راعون} [المؤمنون: 8] إلى غير ذلك عطف على المفلح أي هذا مفلح، وذاك مفلح، وذاك الآخر مفلح لا يقال لا يحصل الإفلاح لمن يتصدق ولا يصلي، فنقول هذا كقول القائل العالم مكرم أي نظرًا إلى علمه ثم إذا حد في الزنا على سبيل النكال وقطعت يده في السرقة لا يبطل ذلك القول حتى يقول القائل، إنما كان ذلك لأنه أتى بالفسق، فكذلك إيتاء المال لوجه الله يفيد الإفلاح، اللهم إلا إذا وجد مانع من ارتكاب محظور أو ترك واجب.
المسألة الثامنة:
لم لم يذكر غيره من الأفعال كالصلاة وغيرها؟ فنقول الصلاة مذكورة من قبل لأن الخطاب هاهنا بقوله: {فَأْت} مع النبي صلى الله عليه وسلم وغيره تبع، وقد قال له من قبل {فَأَقمْ وَجْهَكَ للدّين حَنيفًا} [الروم: 30] وقال: {مُنيبينَ إلَيْه واتقوه وَأَقيمُوا الصلاة} [الروم: 31].
المسألة التاسعة:
قوله تعالى: {وأولئك هُمُ المفلحون} يفهم منه الحصر وقد قال في أول سورة البقرة: {وأولئك هُمُ المفلحون} [البقرة: 5] إشارة إلى من أقام الصلاة وآتى الزكاة، وآمن بما أنزل على رسوله وبما أنزل من قبله وبالآخرة، فلو كان المفلح منحصرًا في أولئك المذكورين في سورة البقرة فهذا خارج عنهم فكيف يكون مفلحًا؟ فنقول هذا هو ذاك لأنا بينا أن قوله: {فَأَقمْ وَجْهَكَ للدّينَ} متصل بهذا الكلام فإذا أتى بالصلاة وآتى المال وأراد وجه الله، فقد ثبت أنه مؤمن مقيم للصلاة مؤت للزكاة معترف بالآخرة فصار مثل المذكور في البقرة.
{وَمَا آتَيْتُمْ منْ ربًا ليَرْبُوَ في أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عنْدَ اللَّه وَمَا آتَيْتُمْ منْ زَكَاةٍ تُريدُونَ وَجْهَ اللَّه فَأُولَئكَ هُمُ الْمُضْعفُونَ (39)}.
ذكر هذا تحريضًا يعني أنكم إذا طلب منكم واحد باثنين ترغبون فيه وتؤتونه وذلك لا يربوا عند الله والزكاة تنمو عند الله كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام: «إن الصدقة تقع في يد الرحمن فتربوا حتى تصير مثل الجبل» فينبغي أن يكون إقدامكم على الزكاة أكثر.
وقوله تعالى: {وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون} أي أولئك ذوو الأضعاف كالموسر لذي اليسار وأقل ذلك عشرة أضعاف كل مثل لما آتى في كونه حسنة لا في المقدار فلا يفهم أن من أعطى رغيفًا يعطيه الله عشرة أرغفة بل معناه أن ما يقتضيه فعله من الثواب على وجه الرحمة يضاعفه الله عشرة مرات على وجه التفضل، فبالرغيف الواحد يكون له قصر في الجنة فيه من كل شيء ثوابًا نظرًا إلى الرحمة، وعشر قصور مثله نظرًا إلى الفضل.
مثاله في الشاهد، ملك عظيم قبل من عبده هدية قيمتها درهم لو عوضه بعشرة دراهم لا يكون كرمًا، بل إذا جرت عادته بأنه يعطي على مثل ذلك ألفًا، فإذا أعطى له عشرة آلاف فقد ضاعف له الثواب. اهـ.